أنا لست من يوتوبيا


"وزورني حتى ولو بالمنام"، جملة لفتت نظري كالكثير من مرادفاتها في أغانٍ عدة، لم أتمالك نفسي من الاستهجان حين سماع مثيلاتها، أحقاً تريد أن تحلم بمن تشتاق! وماذا سيفيد شوقك هذا، إن زارك ذلك الشخص المعني فعلاً؟ هل ستستيقظ بشوق أقل؟

حسب دراسة الاحلام "Oneirology": أن الإنسان الطبيعي قد يحلم بمعدل خمس أحلام أو سبع أحياناً بالليلة الواحدة، وقد يدوم الحلم الواحد من عدة ثواني إلى عشرين دقيقة، ويستحيل على الإنسان أن يتذكر أي حلم منهم، إلا إن استيقظ في مرحلة واحدة فقط من خمس مراحل للنوم، وهي مرحلة الـ (REM: Rapid Eye Movement). إذاً من سبع أحلام تستطيع أن تتذكر حلم واحد فقط، في حال إستيقظت بعد مرحلة واحدة من أصل خمس، معقدة قليلاً؟ ليس بحسبة عقلك الباطني.. صدفة؟؟ بالكاد..

الحلم مؤامرة دنيئة محرضة من العقل الباطن، الذي يقتات على كل ما يفيض عن حاجة وعيك، لهذا أنت تحلم، أنت تحلم لأنك تعاليت على حزنك، واستيقظت في يوم ما وقلت "أنا جيد، أنا سعيد، ليس هناك ما يؤرقني".. وإن كان هناك شيئاً من هذا القبيل، فلابد أنك أكدت لنفسك أنك أكبر من هذا وذاك، وأن لا شيء يستحق أن تحزن لأجله، ورميت كل شيء وراء ظهرك مدعياً أنك قد نسيت.. سأقول لك "برافو"..  فلابد أنك قرأت مؤخراً الكثير من المقالات، التي تتحدث عن القوة، الصبر والإيجابية و و و صفات لا يتحلى بها إلا سكان يوتوبيا(Utopia)  فقط.. ولكن ما لم تحسب حسابه، أنك قد كبت حزنك الذي حقد عليك لأنك لم تعره إهتماما،ً وسلمته على طبق من فضة لعقلك الباطني، عقلك الباطني الذي له منطق خاص يعلو سلطتك، ومسار لا يحود عنه مسار، فهو يعتبر المركز الرئيسي لتجمع كل مخاوفك، ذكرياتك، نقاط ضعفك وعُقدِك.. وها انت كالمغفل سلمته حزنك الحاقد أيضاً، ليتكاتفوا مع بعضهم ويحيكون لك أكبر مؤامرة على وجه يومك، فينقض عليك حلم ما في عز غفلتك "أثناء النوم"... من مبدأ "لو كنت نسيت أفكرك حبيبي".

عدة ثواني أو دقائق قادرة على تحطيم يومك أو أسبوعك بالأكمل، تستيقظ بعد حلم ما، لاتعرف الحلم من الواقع، ضائعاً هائماً بمشاعر لم تحسب لها حساب.. تستيقظ مخبطاً جنباً على جنب، تبحث عن من حلمت به ليلة أمس.. تجيش بالعاطفة إتجاهه كفرس بري هائج (ويا حزرك شو بصير؟؟).. هو لم يحلم بك ليلة أمس أيضاً.. فأقاويل البعض "إن حلمت بشخص ما فهذا يعني أن أرواحكم تلاقت أثناء النوم" ليست سوى تراهات.. فليس هناك أي إثباتات علمية لما يؤمن به عالم الروحانيات، وما أثبته العلم بكل الأحوال لم يعد جزء من عالم الروحانيات أصلاً، فالحلم هو نتاج عقلك الباطني الصافي.

ونكاية بعقلي الباطن الذي لا ينفك عن غرز براثنه في نومي، سأحتضن حزني وأجعله حبيس عقلي الواعي لذلك "أنا لست جيدة، أنا لست سعيدة وهناك ما يؤرقني"، وسأدع كل الصفات التي هي بالأغلاب عنوان كل الشعارات لأهلها، فأنا لست من يوتوبيا..

وبختام هذا أقول لمارتن لوثر كينج الذي قال “I have a dream”، لو سمحت “Take mine too”..

Comments

Popular posts from this blog

استوديو رقم ٧

الحاضرة في ذاكرتك أبداً

بُنَيّ