استوديو رقم ٧


هي كانت تحب الرقص قليلاً، وأصبحت تحبه أكثر حين أصبحت عيونهُ جمهورها.. لم تقوى على إضاعة درس واحد من حينها، ولأول مرة أحبت فكرة الإلتزام بأي شيء.. بأي شيء على الإطلاق، لم تعهد نفسها هكذا قبلاً، فلطالما أحست أن الوقت قاسٍ عليها، لم توصف بالدقة بمواعيدها أبداً، ولكنها كانت اشطرهن جميعاً بإختلاق أعذارٍ تُملِصها كالشعرة من العجين.. كانت تصل قبل الموعد بخمس دقائق.. تقف في الصف الأول، تجهز نفسها، تفرك كعبها، تربط شعرها "لعله يحبه مرفوعاً"، ثم تفك شعرها "فلعله يحبه محلولاً"، وتتأكد مراراً أن زاويتها المعتادة مضاءة كما يجب، لتزيد من ظلالها تقوساً.. فهي تعرف تماماً أنه يراقبها، فتحترف عدم الإكتراث ببراعة، لتبرر سبب إندماجها الشغوف أمام نفسها، ربما.. ولكن بالحقيقة لم يكترث أحداً على هذا الكوكب أكثر منها، فكم من مرة إلتفتت إلى صديقتها وقالت "كم أتمنى أن يطلبني إلى الرقص ذات يوم" فترد "لعله غير مهتم" فتقول "بلى.. الفتايات دائماً لديهن حدس بهذا".. هو كان يحس أن دقات قلبه تنتظم تبعاً لخطواتها، فكلما دقت الأرض بقدمها، أٓنّٓ قليلاً.. هي تعرف أنه ينظم الشِعر كلما انتفض شَعرها الغجري عن جبينها، وتعرف أيضاً أنه يحدث القيثارة في إيقاع جسدها.. أما هو، فلم يعرف أي شيء عن هذا مطلقاً، لم يجرؤ أبداً على محادثتها، فكيف له أن يحلُم بأن يطلِبها للرقص! وهي.. استعطيه يدها؟ هكذا، بكل بساطة! هي بالتأكيد لا تراه.. فكرة كانت تبعث في نفسه الأسى والطمأنينة، فكان دون كلل، يبحث عن أكثر زاوية مظلمة تُوحدُه مع وحدته المُمتدة بإمتدادِ الأرض تحت قدميها، ويكتفي بأن يهمس لنفسه بصمت كل ليلة "أنت في بالي دائماً ترقصين.."

#نورا_باجس


Comments

Popular posts from this blog

بُنَيّ

ما يضرُك