Posts

استوديو رقم ٧

هي كانت تحب الرقص قليلاً، وأصبحت تحبه أكثر حين أصبحت عيونهُ جمهورها.. لم تقوى على إضاعة درس واحد من حينها، ولأول مرة أحبت فكرة الإلتزام بأي شيء.. بأي شيء على الإطلاق، لم تعهد نفسها هكذا قبلاً، فلطالما أحست أن الوقت قاسٍ عليها، لم توصف بالدقة بمواعيدها أبداً، ولكنها كانت اشطرهن جميعاً بإختلاق أعذارٍ تُملِصها كالشعرة من العجين.. كانت تصل قبل الموعد بخمس دقائق.. تقف في الصف الأول، تجهز نفسها، تفرك كعبها، تربط شعرها "لعله يحبه مرفوعاً"، ثم تفك شعرها "فلعله يحبه محلولاً"، وتتأكد مراراً أن زاويتها المعتادة مضاءة كما يجب، لتزيد من ظلالها تقوساً.. فهي تعرف تماماً أنه يراقبها، فتحترف عدم الإكتراث ببراعة، لتبرر سبب إندماجها الشغوف أمام نفسها، ربما.. ولكن بالحقيقة لم يكترث أحداً على هذا الكوكب أكثر منها، فكم من مرة إلتفتت إلى صديقتها وقالت "كم أتمنى أن يطلبني إلى الرقص ذات يوم" فترد "لعله غير مهتم" فتقول "بلى.. الفتايات دائماً لديهن حدس بهذا".. هو كان يحس أن دقات قلبه تنتظم تبعاً لخطواتها، فكلما دقت الأرض بقدمها، أٓنّٓ قليلاً.. هي تعرف أنه ين

بُنَيّ

بُنَيّ،، اعتذر عن التأخير.. ولكن هذا العالم بحاجة إلى التطهير قبل أن تأتي، فأنا في وسط هذا السواد عاجزة عن الدفاع عن فرحك، فكيف لي أن أشرح لك وأنت في المهد أن الموت حق وإن قُتِلتَ بغير حق، كيف لي أن أقول لك كن حراً لأن بغير الحرية أنت فقيرٌ.. فقير.. كيف سأعلمك أن تنهض، وتتمرد، وتُعبِّر ولا تصمت، وإن كان فوق سَقفُك، سُقُوف.. كيف سأُعلِمُك أنك إنسانٌ في المقام الأول قبل أن تنتمي لأرض، لجنسية، أو لدين.. وكيف لي أن أعِلمُك أن تخط حرفك الأول بقلم رصاص ونحن في زمن.. يحارب القلم بالرصاص.. كيف لي أن أبقي قلبك صافياً، أبيضاً، نقياً في وسط هذا الغبار.. فأنا مريضة بالحب يا بُنَيّ.. وشِدة حبك تقلقني منذ الآن .. #نورا_باجس

لأحببتك

لو كنا بزمنٍ أخر، لأحببتك بألف طريقة وطريقة.. لأحببتك بثقل النخل إن تمايل، بسكون الموج في ليلة صيف، بضؤل نور نجمة، وببطئ عبور غيمة.. لقلت لك أني أحبك "كل مرة" بطول أغنية لأم كلثوم، لراقصت صوتك وتراً وتر، ولناديتك بصوت الحوريات في قلب البحر، لأحببتك بصبر جذرٍ يشقُ طريقه لجوف التراب، وبشوق النحل لمواسم العسل، لأحببتك بإصرار العلماء لإكتشاف سر الفراعنة، وبشغف فنانٍ ليحيك فوهات المستحيل.. لأحببتك كما على الحب أن يكون، فأنت بحاجة لسبع حيوات، لأحبك مرةً واحدة.. #نورا_باجس

ما يضرُك

ما يضرُكَ إن كنت أعيش على غيمة أو في عالم موازي أو في قوقعة لففتها حول نفسي، واسميتها الكون.. ما يضرُكَ إن كنت أرى فرحاً في الأسود وأرى أن الأبيض هو الأجدر بأن يكون لوناً للحب.. وإني أكرهُ حيادية الرمادي وألبسه كثيراً في أيام الضياع.. ما يضرُكَ إن وجدت.. أن قمة الأُنسِ هي إن جلست وحدي.. وأن أغنية واحدة كفيلة بأن تُرقِصني أعواماً متتالية.. وأن قصيدة قد تبعث في نفسي سكينة تكفيني عن كتبِ العالم بأجمعه.. ما يهمك إن كنت أقع في الحُبِ كما أقع خارجه.. بلا سابق إنذار.. وأني قد أكرهُ ...الحب كله لأجلِ وجهه الشقي... وأني قد أحب الكره كله لأجل وجهه الصريح.. ما يهمُكَ إن كنت اتعمّد الصمت أحياناً بأوج رغبتي بالحديث إليك، نكاية بنفسي.. ما يهمُكَ إن كنت مُندفعة بلا سبب يدفعني.. أو إن كنت هوائية، عشوائية، أحاربُ المألوف وأمقتُ التبرير.. وأرى أن قمة العقل هي أن تختار الجنون.. ما يضرُكَ إن كنت أؤمن أن في الترحال وطن، وأن متاع الحُر "قلبٌ على كفٍ" يرميه، كلما أثقله.. ما يضرُكَ لو أن تتقبّل أنك لن تحيّدني.. ففي قوقعتي الكبيرة، هذا الكون كوني.. #نورا_باجس

الجغرافيا

الجغرافيا ليست حدوداً وبلاد تحتاج لتأشيرات مختلفة، الجغرافيا ليست خرائط تفصل شعوباً بحضارات، ليست بُعداً يقاس بالكيلومترات، ولا شخصاً يمحص في جوازي حين أعبرُ إلى هناك، الجغرافيا ليست توقيتاً مختلفاً، وشمساً تغرب هناك لتُشرِق هنا، ولا صلوات لأديان مُنزلة وملفقة، ليست منهجاً وعلماً، ليست كرة أرضية ألُفُها لأعرف أي بلدٍ قد تختاره لي الصُدفة، وبالتأكيد.. الجغرافيا ليست حقائب سفرٍ أُثِقلُ بها كتفي كل ما هممتُ الرحيل.. الجغرافيا.. ليست إلا وقتاً، أعبرُ به مني إليك.. #نورا_باجس

الفقد يا عزيزي..

أتعرف ما هو الفقد يا عزيزي! هو شتاء بلا مطر.. هو أنين في ساعة غسق.. هو أم مبتورة الحليب.. ورب منزل بمنزل أخذه الطوفان.. هو كل طريق ليس بآخره أنت.. هو أن تبحث عني وأنت في مكانك وأن أبحث عنك وأنا في مكاني.. هو كلمة لم تقلها.. وطريق لم تسلكه.. وفرصة أضعتها.. هو تخليك عن ذاتك في أعز حاجتك إليك.. هو إيماناً يشوبه الإرتياب.. هو أن تملك العالم بقبضة يديك ولا تشعر إلا بثقله.. هو فردة حذاء مهملة تحت السرير.. هو أن لا تنام على نفسك "كاملاً مكملاً".. هو حماقة ارتكبتها بغير ندم.. وهو ندم اعتدته بغير توبة..  الفقد يا عزيزي هو لست أن تكون بناقص.. بل تأقلمك لكونك ناقصاً.. #نورا_باجس

ليس إلا شبراً

أن تكونَ إعتدت السقوط في التفاصيل، فأنت كبعضي تستهويك الأشياء الصغيرة.. كأن تضيع ساعات بلونٍ لم تعرف اسمه، أو تتوه أياماً في قصيدة، لأجل كلمة لم تعتاد نُطقها.. وأول الصحو يكمن فيك ومنك، في لحظةٍ تُدرِكُ فيها الحجم الفعلي لهذه الأشياء... فأنت لن تكف عن التخبط حقاً، إلا حين تدرك أن الشبر الذي غرِقتَ فيه.. هو ليس إلا شبراً.. #نورا_باجس